ينتظرُ 1600 نازح من أبناء مدينة “سري كانييه”، انتقالهم من المدارس التي يقطنونها كمراكز إيواء منذ نحو عام، إلى مخيّمٍ أعلنت الإدارة الذاتية عن انتهاءِ تشييده في حي الطلائع شرقي مدينة الحسكة، ليكون مُستقَرّهم الجديد.
إلا أن قسماً من النازحين؛ لا يُحبّذون الانتقال إلى المخيم الذي سُمي بـ “سري كانييه”، بل كانوا يأملون بالعودة القريبة لمسقط رأسهم، وليس الانتقال إلى مخيمٍ بات يحمل اسم مدينتهم.
قرار الإدارة الذاتية بتشييد مخيمٍ لنازحي “سري كانييه”، جاء بعد تعرّض العملية التربوية لضغوطاتٍ كبيرة عَقِب خروج عشرات المدارس عن الخدمة، مع تحوّلها لمراكز إيواء.
مشاعرٌ من اليأس والإحباط كانت باديةً على وجوه بعض العائلات النازحة، ممن التقتهم مجلة (شار) في إحدى المدارس بمدينة الحسكة، نتيجة مخاوفهم المُسبقة من سوء الخدمات في المخيم الجديد.
من مدينة إلى مخيم.. رفضٌ لاسم “سري كانييه”
«لسنا راضين عن فكرة تسمية المخيم باسم مدينتنا والاستخفاف بها، فهي أكبر من أي يختزل اسمها باسم مخيم». تقول النازحة “جهيدة غالب”.
وتُضيف المرأة الخمسينية: «لدينا سري كانييه واحدة ولا نقبل بغيرها، لا يمكن لأيِّ مكانٍ آخر أن يشبه سري كانييه قيمةً، لا تسميةً ولا تاريخاً»، مطالبةً الإدارة الذاتية بـ «أخذ مشاعر أبنائها النازحين بعين الاعتبار».
«لا شيء يُعوّضني عن بيتي ويعادله أمناً واستقراراً وكرامةً، فالخيمة وإن كانت قصراً؛ تبقى خيمة، والبيت وإن كان بلا سقف؛ فهو بيت». هكذا عبّر “علي أحمد” النازح من قرية (بئر رزة) بالريف الجنوبي لمدينة “سري كانييه”، عن رفضه قرار الانتقال إلى المخيم.
لكن رغم ذلك، وافق “أحمد” على الانتقال من المدرسة التي يقطنها إلى المخيم الجديد، بعد أن أيقن أهمية استمرار العملية التربوية والتعليمية لأطفال مدينة الحسكة.
«دعونا لا نكون أنانيين ولنفكر بمستقبل أبنائنا للمدى البعيد، ونمنحهم فرصة التّعلّم، فتوثيق تاريخنا الكردي؛ مرتبطٌ بهؤلاء التلاميذ الذين سيطالبون بحقوقنا في المستقبل»، يقول الرجل السبعيني.
تسبّبت موجة النزوح على خلفية الهجوم التركي على مدينتي “سري كانييه” و”تل أبيض” وريفيهما، في إشغال 75 مدرسة، لإيواء النازحين، ما أدى إلى حدوث ضغطٍ على باقي المدارس، بعد أن وُزّع الدوام المدرسي إلى 3 فترات؛ لاستيعاب طلاب كافة المراحل الدراسية الابتدائية، الإعدادية والثانوية.
ولتلافي هذه المشكلة في العام الدراسي القادم، بدأت الإدارة الذاتية بإنشاء مخيّمٍ جديد في حي الطلائع شرقي الحسكة، سُمي بـ (مخيم سري كانييه) لنقل النازحين إليه اعتباراً من 20 آب/ أغسطس الجاري.
620 خيمة كمرحلةٍ أولى
تبلغ مساحة المُخيم 600 دونم، مخصصة لنصب 2660 خيمة، منها 1620 خيمة فردية بمساحة 4× 4 متر، و 1040 خيمة جماعية بمساحة 6× 6 متر, مُجهّزة بكافة الخدمات من تأمين المياه والتيار الكهربائي، فضلاً عن الأرضية الإسمنتية.
«في الوقت الحالي، جُهّزت 620 خيمة لإيواء 620 أسرة من أصل 2660 خيمة هي القدرة الاستيعابية القصوى للمخيم، وأن المخيم مجهّز بشكلٍ جيد من حيث المرافق الحيوية، الصرف الصحي والكهرباء ومياه الشرب» يقول “حسين العلي” الرئيس المشترك لهيئة الشؤون الاجتماعية والعمل في إقليم الجزيرة خلال مؤتمرٍ صحفي عقده في المخيم الجديد.
مخاوفُ النّازحين تبقى حاضرة دوماً
تتخوّف “فريال درويش” النازحة من حي المحطة بـ “سري كانييه” من مصيرٍ مجهول قد ينتظرهم في المخيم الجديد، وتتساءل عن الخدمات المتوفرة، ولاسيما في ظلّ أزمة المياه التي تعانيها مدينة الحسكة ومخاوف انتشار جائحة كورونا.
المخاوف ذاتها تراود نازحين آخرين، حيث يتوقّعون أن تكون الخدمات في المخيم الجديد «كباقي المخيمات المنتشرة في شمال وشرق سوريا والتي تعاني بالفعل من نقص الخدمات وعدم تقديم المنظمات الدولية الدعم اللازم للنازحين».
وعودٌ بخدماتٍ نموذجية
تأخذ هيئة الشؤون الاجتماعية، مخاوف النازحين بعين الاعتبار، خاصةً أن نسبة 20% منهم لا يرغبون بترك المدارس ويرفضون الانتقال إلى المخيم الجديد أو المخيمات الأخرى.
لذلك، اُختير موقع المخيم في “حي الطلائع” بعناية، لقربه من مركز المدينة أولاً، وثانياً لتوفّر شبكتي الصرف الصحي ومياه الشرب، إضافةً لحمايتها بسورٍ اسمنتي، فضلاً عن فرشها بالحصى وصب أرضية الخيم بالإسمنت.
قُسّم المخيم، إلى عددٍ من الكومينات، كل كومين يضم 20 خيمة، وخُصّصت لكل 10 خيم، حديقة صغيرة ليكون متنفَّسَاً لقاطنيها، كما تداركت الهيئة مشكلة الحمامات المشتركة، بتخصيص كتل اسمنتية كمرافق خدمية خاصة بكل خيمة، ليكون لكل عائلة حمامها الخاص والمطبخ المنفصل عن الخيمة، تحسباً من اندلاع حرائق كالتي حدثت سابقاً في مخيم “واشوكاني” و”العريشة”، إضافةً لتدابير أخرى، تمثّلت بوجود مسافةٍ متر ونصف المتر بين الخيمة والأخرى.
نقلُ النّازحين سيتمّ على دفعات
تستهدف هيئة الشؤون الاجتماعية في المرحلة الأولى، 16 مدرسة فقط، من أصل 75 مدرسة يقطنها النازحون، ليُنقَلوا إلى المخيم الجديد، على أن توزَّع الخيم بحسب عدد أفراد الأسرة.
يقول الإداري في المخيم “صالح الحميدي”: «الأسرة التي يزيد عدد أفرادها عن 6 أشخاص؛ ستُعطى لها خيمتان، على أن تستكمل عمليات نقل باقي النازحين البالغ عددهم 1600 نازح، على دفعات».
ومنحت الإدارة الذاتية، العوائل النازحة، حرية الاختيار للانتقال إلى المخيم الذي ترغب من بين مخيمات (سري كانييه، واشوكاني، نوروز بديرك)، أو مخيمات أخرى، أو الخروج من المدراس واستئجار منزل.
ويقول “الحميدي”: «لا بد من إفراغ جميع المدارس، لن يتم الضغط على النازحين؛ بل سيحدث ذلك بشكلٍ طوعي، الغالبية العظمى منهم متجاوبون مع القرار».
تمسّك النسبة الباقية من النازحين بقرار الرفض، يتعلّق، وفق “الحميدي”، بـ «تصوّرهم المسبق عن سوء الوضع في المخيم».
وعن كيفية إقناع الرافضين لقرار الانتقال، أشار “الحميدي” إلى أن الاعتماد سيكون على «الدفعة الأولى المنتقلة للمخيم، وإمكانية إقناع البقية عن طريقهم، بعد معاينة المخيم على أرض الواقع ومدى تطابقه مع وعود هيئة الشؤون الاجتماعية».
ويؤكد “الحميدي” في حديثٍ لـ (شار)، أن الإدارة الذاتية «تكفّلت بجميع مصاريف تشييد المخيم الجديد، دون أن تتلقّى أيّة مساعدة من المنظمات العاملة في شمال وشرق سوريا.
تدابيرٌ احترازية لمنع انتشار “كورونا” وحلولٌ لأزمة المياه
طَمْأَن “الحميدي” عبر مجلة (شار)، النازحين على أن مشكلة مياه الشرب التي تعانيها مدينة الحسكة، «تم تداركها، عبر بناءِ أحواضٍ مركزية لتخزين المياه داخل المخيم، من خلال شبكةٍ مرتبطة بالشبكة الرئيسية التي يتم تغذيتها بالمياه النظامية أيضاً، وتخصيص عددٍ من الصهاريج لنقل مياه الشرب إلى النازحين عند الحاجة.
تأتي هذه الخطوة، في وقتٍ تنتشر فيه جائحة كورونا في عدة مناطق شمال وشرق سوريا، وينوّه القائمون على عملية نقل النازحين، إلى أنهم «أخذوا هذه المشكلة بعين الاعتبار، بنقلِ كل عائلة على حدا بوسائط نقلٍ خاصة، مع مراعاة التباعد الاجتماعي».
كذلك تجهيز المخيم بنقطةٍ طبية، لفحص الوافدين قبل دخولهم المخيم، كما يساهم فصل الحمامات عن بعضها البعض، في منع تفشي المرض بين النازحين.
21 replies on “مخيمُ “سري كانييه”.. بين رفض التّسمية والوعودُ بخدماتٍ نموذجيّة”
… [Trackback]
[…] Find More Info here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Find More Info here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Information on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Read More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Find More Information here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Read More Information here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Find More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Find More Information here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Find More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Find More here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] There you can find 33834 additional Information on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Information on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Information on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Read More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Here you can find 24679 more Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Read More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Find More Info here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Find More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Find More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
… [Trackback]
[…] Find More Information here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/08/مخيمُ-سري-كانييه-بين-رفض-التّسمية-وال/ […]
Comments are closed.