«بقي حُلم “نورمان” برؤيةِ حبيبها العسكري، معلّقاً في سماءِ الحرب، كملابسه المعلّقة على حبلِ الغسيل»، مشهدٌ يحاول من خلاله المخرج السينمائي “محمود جقماقي” بأسلوبٍ رمزيٍ فني؛ نقل الصورة المُشوّهة للحياة بسبب العَسْكرة والصِراع الدائر في البلاد بين مختلف الأطراف، لتكون الضحية، قيم الحياة والحب، وذلك عبر فيلمه القصير (حبل الغسيل) المُشارِك في مهرجان (ليلون) السينمائي الدولي الأول المُقام في مخيمات نزوح أهالي عفرين بريف حلب الشمالي.

كتب “جقماقي” سيناريو الفيلم مُستعيناً بصورٍ واقعية عاشها أبناء مدينته “عفرين” إبّان اجتياحها من الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية ربيع  2018، والذي ترك أثراً كبيراً على تفاصيل يومياتهم، ليسعى عبر فيلمه إلى إبراز قضية مدينته ومعاناة شعبها المُهجّر وأحلام شبابها التي مزقتها آلة الحرب التركية.

2200 فيلم من 150 دولة 

وصل عدد الأفلام التي نافست على المشاركة في المهرجان الذي انطلق في يوم السلام العالمي المصادف لـ 21 سبتمبر أيلول، إلى ٢٢٠٠ فيلم من ١٥٠ دولة حول العالم، لاختيار 58 فيلماً، اعتماداً على معايير مُحدّدة، لخّصها المصور والمخرج “مسعود كراد” عضو اللجنة التحضيرية «بالفكرة المطروحة والاحترافية في التصوير والرؤية الإخراجية الصحيحة».

وقبل انطلاق المهرجان بـ 6 أشهر، كانت اللجنة التحضيرية، بإشراف مؤسسة (كومين سينما عفرين) للإنتاج السينمائي، قد بدأت أعمالها، من خلال إنشاءِ موقعٍ إلكتروني رسمي للمهرجان ووضع الخطط، الأفكار، الرسائل والأهداف لتحقيق أكبر قدرٍ من التواصل، في محاولةٍ لـ «كسر الصمت الدولي حيال الاحتلال التركي لمدينتي عفرين وسري كانييه»، وفق “زيلان سليمان” عضو اللجنة التحضيرية.

تضمّنت التحضيرات أيضاً، تشكيل عدة لجان لكل مرحلة من مراحل المهرجان، مُمثّلةً بلجنة المشاهدة والترجمة والعلاقات والإعلام واللجان الفنية الأخرى، إضافةً للجنة التحكيم.

كما جُهّز مسرحان اثنان، أحدهما في مخيم “سردم” والآخر في مخيم “برخدان” اللذان يأويان مُهجّري عفرين، فضلاً عن ترجمة الأفلام إلى اللغتين العربية والكردية، وتأليف أغنية خاصة بالمهرجان بثلاثِ لغات (الكردية – العربية – الإنكليزية).

58 فيلماً 

اقتصر عدد الأفلام المختارة على 58 فيلماً فقط لعرضها في المهرجان من أصل 2200 فيلم، وذلك تيمّناً بعدد أيام مقاومة أبناء عفرين ضد العملية العسكرية التركية التي استمرت 58 يوماً.

تنوّعت المواضيع التي عالجتها الأفلام المختارة، بين أفلامٍ عن المرأة وأخرى عن التكنولوجيا وأضرارها على المجتمع وتدمير الطبيعة بفعل الإنسان، إضافة لأفلامٍ تاريخية وأخرى تسرد معاناة الإنسان والهجرة والأطفال المشرّدين والخيال العلمي.

تصوير: مزكين غورسيه

«زهرةٌ بمفردها لا تُشكّل حديقة» 

تحت شعار «زهرةٌ بمفردها لا تُشكّل حديقة» انطلقت فعاليات مهرجان “ليلون” الدولي السينمائي بنسخته الأولى في مخيم “سردم”، بمشاركةٍ واسعة من فعالياتٍ ثقافية وشعبية، وعددٍ من المخرجين المشاركين بأفلامهم في المهرجان خلال حفل الافتتاح. 

واستمرت النشاطات على مدار سبعة أيام في الهواء الطلق مع اتخاذ تدابير الوقاية من فايروس كورونا، بعرض جميع الأفلام المُختارة.

على أن تُحدّد الأفلام الفائزة من قِبَل لجنة التحكيم المؤلّفة من سبعة مخرجين وأكاديميين، وهم “باروج أكراي وحسين حسن من كردستان العراق، و”أريكا” من المكسيك، “علي بدر خان” من مصر، “بيندتا” من إيطاليا، “توراج أصلاني” من إيران، و”أبو بازلي” من تركيا، وستوزع ثلاث جوائز للأفلام وجائزة واحدة للجنة التحكيم.

رسائلُ تضامن مع أبناء عفرين من مخرجين دوليين  

عبّر مخرجون عالميون وآخرون من أجزاء كردستان الأربعة، من خلال مقاطع فيديو مسجلة، عن تضامنهم مع أبناء عفرين، مُعلنين وقوفهم إلى جانب قضيتهم العادلة، مُتمنّين عبر رسائلهم البصرية والصوتية التي عُرضت في حفل الافتتاح، أن يكون المهرجان صدى لصوت أهالي عفرين.

في وقتٍ  تمنّى الحضور أن يكون مهرجان “ليلون” الدولي بمثابة جسرٍ ثقافي بين معظم شعوب العالم، ولكن على أرضها في عفرين، ويكون سبباً في تغيّر الموقف الدولي تجاه جميع المناطق والمدن الكردية التي سيطرت عليها تركيا، وتحقيق العودة إلى الديار بضماناتٍ دولية.

39 replies on “في مُخيّماتِ نزوحِ أهالي عفرين.. مهرجانٌ سينمائيٌ دولي”

Comments are closed.