في العشرين من شهر نوفمبر تشرين الثاني 2020، أعلن مكتب حماية الطفل في الإدارة الذاتية خلال مؤتمرٍ صحفي، عن تسليم عشرة أطفال إلى ذويهم، أربعة منهم قاصرون، بعد أن كانوا قد جُنّدوا في صفوف الوحدات العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية.

فمع انتشار حالات تجنيد القاصرين والقاصرات في مناطق شمال وشمال شرقي سوريا، أُسِّس (مكتب حماية الطفل في النزاعات المسلّحة) بقرارٍ من المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية في 30 آب/أغسطس 2020، بناءً على الخطة الموقّعة بين قوات سوريا الديمقراطية والأمم المتحدة في 29 حزيران/يونيو 2020.

إلا أن ذلك لم يكبح جماح بعض الجهات التي تسعى لزجِّ القاصرين ضمن الوحدات العسكرية، إذ تقدّمت المنظمة الحقوقية (سوريون من أجل الحقيقة والعدالة) في 20 نوفمبر تشرين الثاني الماضي، والذي يصادف اليوم العالمي للطفل، بشكوى لمكتب حماية الطفل؛ تضمّنت معلومات مفصّلة عن أنشطة المجموعة التي تُطلق على نفسها اسم (الشبيبة الثورية) أو ما تعرف كُردياً باسم (جوانن شورشگر – Ciwanên Şoreşger)، وتورّطها بمعظم عمليات تجنيد القاصرين والقاصرات. 

تجنيدُ القاصرين متوقّف الآن!!

يقول الرئيس المشترك لمكتب حماية الطفل في شمال وشرق سوريا “مرهف العبدالله” إن تجنيد القاصرين «متوقّف الآن»، مُضيفاً: «تلقينا 80 شكوى وكلها قديمة، أعدنا 13 قاصراً إلى أهله كانوا ضمن صفوف قوات سوريا الديمقراطية، ولا زلنا مستمرين في إعادة البقية، لم نتلقّ أيّة شكاوى حديثة».

وأكّد “العبد الله” في حديثٍ لـ (شار)، أن مهمة المكتب المُستَحدَث، هو «منع تجنيد الأطفال وفق الاتفاق الذي أُبرِم بين الأمم المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية، و من ضمن برامجنا أيضاً؛ موضوع عمالة الأطفال والتّسرّب من المدارس ومساعدة الأطفال والشبان المُتسرّحين من واجب الدفاع الذاتي وجرحى الحرب».

لافتاً إلى أن قيادة قوات سوريا الديمقراطية «تُقدّم المساعدة والتسهيلات لمهمة مكتب حماية الطفل، والقوات ملتزمة بعدم تجنيد الأطفال الآن».

تسجيل 14 حالة خلال شهرين 

يقول الصحفي الكردي “همبرفان كوسه”:  «لا يمكن تحديد إحصائية دقيقة في هذا الوقت، لأن الحالات مستمرة والإحصائيات متغيّرة، خلال الشهرين الماضيين كان هناك أكثر من 14 حالة، وهي من ضمن الحالات التي أبلغ عنها أهالي الأطفال، وبالتأكيد هي ليست جميع الحالات؛  بل جزء منها فقط».

وأضاف “كوسه” في حديثه لـ (شار):  «لا يمكن إيقاف هذه الممارسات بحقِّ القاصرين والقاصرات، ولا أعتقد أن بإمكان أيّ طرفٍ سياسي أو حقوقي أو إعلامي إيقافها، ولكن  من المهم انتقادها والوقوف ضدّها ورفضها».

وقال: «ما يجب أن يُفهم، هو أن تجنيد الأطفال في الحرب مسألة لا يُمكن حلّها ضمن الظروف والإمكانيات المتاحة، خاصةً في ظلِّ الظروف الاقتصادية وغياب التعليم، يجب على منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية القيام بحملات مناصرة ومدافعة، للحدّ من تجنيد الأطفال».

مؤكّداً على ضرورة «الضغط على قوات سوريا الديمقراطية، للالتزام بالعهود والمواثيق التي وقّعتها مع منظماتٍ دولية، أو وكالات تابعة للأمم المتحدة مثل نداء جنيف وغيرها، على الأقل للحدّ منها، ويجب وضع حد لانتهاكات الشبيبة الثورية ومحاسبة المتورّطين في تجنيد الأطفال ومنع الانتساب لقواتها لمن هم دون سن 18 عاماً».

تكتّمٌ على تجنيد القاصرين

يرى الصحفي الكردي “باز بكاري” أن هناك «تكتّم من جانب الجهة التي تُجنّد الأطفال، أو الأصح هناك نفي للتجنيد، ومن جانبٍ آخر، الكثير من العائلات تتستّر على تجنيد أطفالها، ما يتسبب ذلك بعدم الحصول على إحصائياتٍ دقيقة».

وقال في حديثٍ لـ (شار): «منع حالات التجنيد تلك، ربما يكون أمراً معقولاً، عبر إصدار قرارات واضحة وعقوباتٍ رادعة وفق آلياتٍ حاسمة تمنع تجنيد الأطفال تحت أيّ مُسمّى، وهذا الأمر مطلوبٌ من الإدارة الذاتية ومؤسّساتها، كونها الجهة الحاكمة ومن واجبها منع ومحاربة تشكيل ميليشيات خارج إطار المؤسسة العسكرية والأمنية الرسمية، أي قوات الأمن الداخلي وقوات سوريا الديمقراطية».

في تحقيقٍ صحفي نشره موقع (المونيتور) الأميركي، رفض “ناصر عفرين” عضو لجنة التنسيق العامة لمنظمة (الشبيبة الثورية) التلميحات الموجّهة إليهم، معتبراً أنها (الشبيبة الثورية)  «ليست منظمة عسكرية لتجنيد الأطفال». 

قائلاً: «هدفنا هو القدرة على تنظيم الشباب من مختلف الشرائح في جميع مناطق شمال شرقي سوريا»، في وقتٍ أكّد أن جزء من الجهود المبذولة في تطوير الفكر والمواهب وعلم النفس لدى الشباب «تضمنت تدريبات عسكرية، لتمكينهم من حماية أنفسهم».

تأثيراتٌ نفسيّة على القاصرين في حال تجنيدهم

تقول المرشدة النفسية “أمل أحمد” إن القاصرين الذين يُجنّدون في وحدات وأعمال عسكرية، «يُحرمون من حق الطفولة، وفي حال تعرّضهم في هذه المرحلة لأحداثٍ ووقائع صادمة، من الممكن أن يعانوا من اضطراباتٍ قد لا يستطيعون التخلّص منها لاحقاً».

وتضيف “أحمد” خلال حديثها لـ (شار)، أن «الفرد في مرحلة المراهقة (بين 13- 18 عاماً) يكتسب من المجتمع الأشياء الصحيحة والأشياء الخاطئة على حدٍّ سواء ويفرّق بينها، وإذا جُنّد في عملٍ عسكري في هذا العمر وفُصِل عن المجتمع والحياة المدنية، فلن يستطيع التمييز بين الصح والخطأ، مثلاً القتل أمرٌ خاطئ في المجتمع، لكن لدى هذا الفرد قد يكون أمراً جيداً، وخصوصاً أن القتال ضمن وحدةٍ عسكرية يُجيز عمليات القتل، سواء في الدفاع عن النفس أو الهجوم».

وترى المرشدة النفسية أن على الجهات التي ترعى الأطفال والشباب، «افتتاح مراكز إعادة تأهيل ومراكز حِرف يدوية ومهنية ومهارات فنية، بدلاً من تجنيدهم في أعمال عسكرية».

23 replies on “مكتبُ حِماية الطّفل في الإدارةِ الذّاتيّة: مهامٌ ووعودٌ مُقنّنة.. هل ينسفها استمرار تجنيد القاصرين؟”

  • 06/26/2023 at 1:23 ص

    … [Trackback]

    […] Read More here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • … [Trackback]

    […] Find More on to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 02/06/2025 at 4:51 م

    … [Trackback]

    […] Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 02/11/2025 at 5:47 م

    … [Trackback]

    […] Information on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 02/13/2025 at 4:41 ص

    … [Trackback]

    […] Find More Information here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • … [Trackback]

    […] Here you will find 39406 more Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 02/26/2025 at 4:20 ص

    … [Trackback]

    […] Find More on to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 03/03/2025 at 5:38 ص

    … [Trackback]

    […] There you will find 95028 more Information to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 03/04/2025 at 1:30 ص

    … [Trackback]

    […] There you will find 23007 more Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • … [Trackback]

    […] Find More on to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • … [Trackback]

    […] Find More Info here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 03/26/2025 at 5:38 م

    … [Trackback]

    […] Here you will find 58648 more Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • … [Trackback]

    […] Information to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 05/06/2025 at 1:56 ص

    … [Trackback]

    […] Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 05/15/2025 at 5:10 ص

    … [Trackback]

    […] Read More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • … [Trackback]

    […] Find More Information here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 05/23/2025 at 12:58 ص

    … [Trackback]

    […] There you will find 21716 additional Information on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • … [Trackback]

    […] Here you will find 39644 more Information to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 06/26/2025 at 9:41 م

    … [Trackback]

    […] Here you can find 3841 additional Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 07/23/2025 at 5:23 ص

    … [Trackback]

    […] Find More on to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • … [Trackback]

    […] There you will find 70055 more Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • … [Trackback]

    […] Information on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

  • 09/07/2025 at 1:22 ص

    … [Trackback]

    […] Read More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2020/12/مكتبُ-حِماية-الطّفل-في-الإدارةِ-الذّا/ […]

Comments are closed.