ينتظر “هجار خليل” حلول موعد الإفطار، بعد يومٍ من العمل الشاق أمضاه في أحد الحقول الزراعية بريف منطقة “ديرك” أقصى شمال شرقي سوريا، لكن مائدته الرمضانية لم تكن عامرة بالأطعمة التي كانت تتنوّع خلال سنواتٍ خلت.

تردّي الأوضاع المعيشية في عموم سوريا بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية، جعلت عائلة “خليل” كغيرها من العوائل محدودي الدخل، تعتمد على اليسير من الطعام في وجباتهم اليومية، وحرمان أطفالهم من بعض الضرورات الغذائية.

«بسبب الحالة المادية المُتردّية، لم أعد أستطيع تقديم أبسط مستلزمات أطفالي، حتى تأمين علاجهم أثناء المرض؛ بات صعباً»، يقول الرجل الأربعيني المياوم لـ مجلة (شار).

الوضع المعيشي الذي تمرُّ به “شيرين مستو” ليس بأفضل حال من وضع “هجار خليل”، إذ تتّبع السيدة الأربعينية (وهي ربة أسرة مكوّنة من 8 أفراد)، نظاماً حياتياً خاصاً منذ عدة شهور.

فبسبب الأزمة المعيشية المتفاقمة مؤخراً في مناطق “الجزيرة” شمال شرقي البلاد، اضطرّت للاستغناء عن العديد من السلع، كاللحوم والفواكه، وتحاول تأمين مستلزماتٍ أساسية وفق قدرتها الشرائية المتواضعة جداً.

“مستو” التي تعيش مع زوجها وأطفالها الستة بريف منطقة “ديرك”، تقول لـ مجلة (شار): «يعمل زوجي في أحد محلات بيع المواد الغذائية وسط المدينة، براتبٍ شهري يبلغ 100 ألف ليرة سورية، وهو مبلغٌ بالكاد يكفي لتغطية النفقات الأساسية».

 الحياة تأزّمت مع كورونا 

يعيش السوريون منذ عشر سنوات أوضاعاً معيشية صعبة، فإلى جانب معاناتهم من الحرب التي طالت أمدها مع ما رافقتها من انعدام الأمن، يواجهون أزمات متفاقمة، تتمثّل بارتفاع الأسعار وانقطاع التيار الكهربائي بشكلٍ مستمر، إضافةً إلى نقص المحروقات وهبوط سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، جميعها انعكست سلباً على حيوات الناس اليومية.

ورغم توفّر بعض السيولة المالية لدى أرباب العوائل من العمال المياومين، والتي بالكاد تكفي قوتها اليومي، إلا أن جائحة كورونا تسببت بانتشار البطالة لدى شريحة كبيرة من السوريين، خاصةً في مناطق الإدارة الذاتية شمال شرقي البلاد.

“آسيا رمضان” 38 عاماً أمٌّ لستة أطفال من بلدة “جل آغا”، تقول لـ (شار): «يعمل زوجي بأجرةٍ يومية لا تتجاوز خمسة آلاف ليرة سورية، وهذا المبلغ لا يكفي وجبة الغداء، فأسعار المواد الغذائية ارتفعت مع ارتفاع سعر صرف الدولار، ومعظم التجار لا يتعاملون إلا بالعملة الأجنبية».

وتُضيف: «بتنا نتناول وجبات متشابهة كل يوم، ولا تتعدَّ أطعمة خفيفة من ألبان وبقوليات، ولم نعد نجلب أي نوعٍ من اللحوم، بسبب ارتفاع أسعارها بشكلٍ جنوني».

من جانبه، يعتبر “جوان أحمد” 37 عاماً، من سكان مدينة قامشلو، أن انتشار فايروس كورونا، كان له تأثير مضاعف على عمله أكثر من تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار.

تصوير: هيلين علي

يقول: «قبل فرض حظر التجوال، كنت أتدبّر أموري بصعوبة، لكن بسبب مخاطر انتشار فايروس كورونا، تدهورت أحوالي المعيشية أكثر».

ويؤكّد “أحمد” الذي يعمل في أحد معامل المعادن، ويعيش في منزلٍ أجرته 50 ألف ليرة مع زوجته وأبناءه الأربعة، أنّ راتبه بالكاد يكفي الأيام الخمسة الأولى من الشهر.

ويتابع خلال حديثه لـ (شار): «لم يعد باستطاعتي تأمين كل ما يرغبه أبنائي، صارت بعض المأكولات أيضاً ترفاً حقيقياً، فالدخل الشهري لا يكفي أبداً، نعتمد سياسة تقشّفٍ صارمة في حياتنا اليومية».

يعاني الرجل الأربعيني أوضاعاً معيشية صعبة، فهو المعيل الوحيد لعائلته، وكمعظم العاملين في المعامل، فقد توقّف عمله الآن, وبحسب ما أكّده لـ مجلة (شار)، فإن عائلته باتت اليوم «تعتمد في طعامها على الزيت والزعتر والزيتون وبعض المونة المخزّنة منذ العام الماضي».

أما “فاطمة إبراهيم” من بلدة “كركي لكي- معبدة” بريف “ديرك”، فتعمل  بمهنة الخياطة النسائية وتُعيل أسرة مؤلّفة من ستة أبناء وزوجٍ مريض، ووضعها ليس مختلفاً عن أوضاع باقي أبناء المنطقة.

فإضافةً إلى كونها مسؤولة عن تأمين معيشة أفراد عائلتها، تتولى “إبراهيم” مسؤولية تأمين تكاليف علاج زوجها الذي يعاني من أمراضٍ مزمنة، في وقتٍ لا يكاد مردودها المالي يكفي لتوفير وجبات الطعام اليومية التي صارت أيضاً مرهونة بما تجنيه من عملها على ماكينة الخياطة وبعض المساعدات التي تأتيها من الخَيّرين.

تصوير: هيلين علي

باعة يبحثون عن مُتبضّعين 

يعاني الكثير من التجار وأصحاب محال بيع المواد الغذائية واللحوم, من تراجع مبيعاتهم اليومية، خاصةً في شهر رمضان الذي كان يُعوِّل عليه الباعة في تنشيط  حركة التجارة وتعويض بعض خسائرهم عن الشهور الماضية، بسبب تداعيات فايروس كورونا.

يقول “لازكين أحمد”, وهو بائع مواد غذائية في سوق مدينة “ديرك”: «هناك انعدام في الحركة الشرائية وانخفاض كبير بعدد الزبائن في المحل الذي أعيش بفضله منذ أعوام، أسباب ذلك تتعدّد، لكن النتيجة تبقى واحدة، وهو تراجع الدخل الشهري للجميع».

ويؤكّد خلال حديثه لـ (شار) أن الأهالي يواجهون أزمةً غير مسبوقة لم يعيشوها حتى مع سنوات الحرب والأزمة السورية التي بدأت منذ 2011.

28 replies on “موائد المواطنين واحتياجاتهم في مرمى الغلاء والتقشف ”

  • 06/02/2023 at 3:30 م

    … [Trackback]

    […] Find More on to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 06/19/2023 at 11:54 ص

    … [Trackback]

    […] Information to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 07/11/2023 at 2:11 ص

    … [Trackback]

    […] Read More here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 07/21/2023 at 11:54 ص

    … [Trackback]

    […] Read More Info here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 08/02/2023 at 5:38 م

    … [Trackback]

    […] Here you can find 79945 more Information on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 08/17/2023 at 12:01 م

    … [Trackback]

    […] Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 08/18/2023 at 3:38 م

    … [Trackback]

    […] Read More Information here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 08/26/2023 at 8:33 م

    … [Trackback]

    […] There you will find 36168 more Information on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 01/23/2025 at 8:08 ص

    … [Trackback]

    […] Read More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 02/18/2025 at 4:58 م

    … [Trackback]

    […] Information to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 02/19/2025 at 5:34 ص

    … [Trackback]

    […] Read More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 02/27/2025 at 6:40 م

    … [Trackback]

    […] Find More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 03/09/2025 at 10:00 ص

    … [Trackback]

    […] Find More on on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 03/11/2025 at 3:33 ص

    … [Trackback]

    […] Information to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • … [Trackback]

    […] Find More here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 03/26/2025 at 3:15 م

    … [Trackback]

    […] Read More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 03/27/2025 at 12:16 ص

    … [Trackback]

    […] Find More Information here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 03/27/2025 at 11:01 ص

    … [Trackback]

    […] Find More Information here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 04/29/2025 at 2:04 ص

    … [Trackback]

    […] Read More on on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • … [Trackback]

    […] Find More here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • … [Trackback]

    […] There you can find 31898 more Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 06/21/2025 at 4:16 م

    … [Trackback]

    […] Read More here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 07/13/2025 at 7:05 ص

    … [Trackback]

    […] Find More on to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 08/03/2025 at 3:53 م

    … [Trackback]

    […] Here you can find 80651 additional Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 08/05/2025 at 3:53 ص

    … [Trackback]

    […] Here you can find 80557 additional Information to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 08/06/2025 at 2:32 ص

    … [Trackback]

    […] There you will find 41818 additional Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 09/10/2025 at 5:22 ص

    … [Trackback]

    […] Find More Information here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

  • 09/13/2025 at 7:56 م

    … [Trackback]

    […] Find More Info here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/04/موائد-المواطنين-واحتياجاتهم-في-مرمى-ا/ […]

Comments are closed.