بين استغلال المكاتب العقارية وسكن جامعي تغيب عنه الخدمات
تتنقّل “فيان عثمان” 19 عاماً, من مكتبٍ عقاري إلى آخر في دمشق, باحثةً عن سكنٍ يأويها, لكن دون جدوى، بسبب الشروط التعجيزية لأصحاب المكاتب، تحمل حقيبة سفرها وقد بدت منهكة وعلامات اليأس واضحة على ملامحها.
«بعد أن فقدتُ الأمل بالحصول على سكنٍ جامعي، اضطررتُ لاستئجار غرفةٍ مشتركة مع خمس طالبات أخربات في أحد أحياء العاصمة»، تقول طالبة الصيدلة من سكان مدينة قامشلو, لـ مجلة (شار).
البحث عن المُحال
يعاني معظم الطلاب من مختلف فروع جامعة دمشق وسواها من الكليات من أبناء المحافظات الأخرى, من صعوبة الحصول على غرفةٍ ضمن المدينة الجامعية التي تعدُّ ملاذاً آمناً لهم من استغلال أصحاب المكاتب العقارية وغلاء أجار البيوت.
لكن حتى الإقامة في السكن الجامعي، تُشكّل تحدّياً أمام الطلبة، لأسبابٍ عديدة، أبرزها عدم توفر التيار الكهربائي والمياه، فضلاً عن الازدحام الذي يتسبب في معظم الأوقات بالضجة لساعات متأخرة من الليل، ما ينعكس سلباً على الأجواء الدراسية للطلبة.
فمثلاً تحتاج “فيان” بحكم فرعها الدراسي، إلى الهدوء والراحة؛ لما تبذله من جهد عقلي وضغط نفسي، «دراستي تحتاج للتركيز، لكنني مشتتة»، تقول وتؤكّد لـ (شار): «نحاول خلق جو من الانسجام بيننا نحن الطالبات، ونراعي ظروف بعضنا، لكن أن وجدنا الراحة في البيت, لا نجدها في تأمين الكهرباء والماء والمواصلات».
تدبّر “فيان” أمورها المالية بالاعتماد على راتب والدها المتقاعد, وتنتظر حوالة مالية مع بداية كل شهر، لا تغطي ربع مصاريفها, خاصة بعد أن اضطرّت لاستئجار منزل, ما يدفعها للبحث عن عملٍ بهدف تأمين جزءٍ من مصاريفها الشهرية.
الراحة المفقودة
يتصبّب “فراس حسن” 21 عاماً, عرقاً وهو يدرس في قاعة المطالعة بالمدينة الجامعية، تحضيراً لامتحاناته الفصلية، «لا توجد أجهزة تكييف ولا منفذ للهواء، سوى النوافذ»، يقول طالب قسم اللغة العربية، الذي يهرب من جو غرفته المزدحمة بطلابٍ آخرين، ليجد في قاعة المطالعة حلاً ليس الأفضل، لكنّه الأنسب في هكذا ظروف.
«يعيش الطالب بين فكّي كماشة»، يقول “حسن” وهو يلمح إلى غلاء السكن خارج المدينة الجامعية, وسوء الخدمات داخلها، «لا توجد أبسط مقومات العيش في هذا السكن، لا برادات للمياه الباردة ولا تكييف، لكننا مجبرون»، يؤكّد الطالب المنحدر من مدينة الحسكة.
ويضيف خلال حديثه لـ (شار): «أسوأ منزل في دمشق، لا يقل أجاره عن مئتي ألف ليرة شهرياً، وهو مبلغٌ كبير جداً على الطلاب الذين يعانون أصلاً من تحمّل مصاريف متعلّقة بأجور التنقلات بين الجامعة ومكان سكنهم».
المعاناة المزدوجة
يتذمّر “آراس السيد” طالبٌ في السنة الرابعة قسم اللغة الإنكليزية، من وضعه في المدينة الجامعية، كونه يقيم في غرفة تجمعه وسبعة طلابٍ آخرين من مناطق مختلفة من سوريا، وما يحمله هذا الاختلاف الجغرافي بينهم من اختلافٍ في الثقافة وطريقة التفكير.
ضيق مساحة الغرفة وكثرة عدد المقيمين، دفع بـ “السيد” وزملائه بإخراج الأسرّة بهدف تأمين مساحةٍ أوسع تكفي للنوم والطبخ، ومع ذلك، يبقى الانسجام بين طلاب الغرفة الواحدة أمراً صعباً جداً.
«مضت ثلاثة أعوام على إقامتي في السكن الجامعي، لم أتأقلم خلال هذه المدة مع أياً من شركائي في الغرفة، في النهاية غادرت المكان إثر شجارٍ وقع بينهم، بسبب تضارب مواعيد دراستهم وراحتهم وأكلهم»، يقول لـ (شار).
لكن رغم الوضع المأساوي الذي يعيشه الطلاب داخل المدينة الجامعية، «يبقى أفضل وأرحم بكثير من السكن خارجها، وما يرافقه من مصاريف يدفعها الطالب بدل مواصلات»، يختم “السيد” حديثه.
وضعٌ مختلف
إمكانية تأمين غرفةٍ داخل السكن الجامعي، مشكلة تعاني منها غالبية الطلاب من أبناء المحافظات السورية، لكنها أشد وطأة بالنسبة لأبناء المنطقة الشرقية.
إذ أنهم عرضة للاستغلال المادي من جانب المكاتب العقارية وأصحاب البيوت، خاصة بالنسبة لطلاب المعاهد المتوسطة، «فلا سكن لهؤلاء الطلبة»، تقول “أفين عمر” طالبة في معهد إدارة الأعمال بدمشق والتي تستأجر وزميلاتها منزلاً في حي زورافا/وادي المشاريع ذي الغالبية الكردية.
يبلغ أجار البيت شهرياً نحو300 ألف ليرة سورية، عدا عن فواتير الماء والكهرباء، ولا يختلف حال بيت الطالبات عن الوضع داخل السكن الجامعي من جهة مشاركة المصروف.
«نجمع أكبر قدر من الطالبات للسكن في بيتٍ واحد، لنخفف عن أنفسنا المصروف»، تضيف “أفين” التي تتشارك وثلاث صديقاتها إحدى المنازل.
وتقول لـ (شار): «ما يزيد من معاناة الطلاب، هو شروط أصحاب المكاتب العقارية التعجيزية، الذين يطالبون بدفع أجار 6 شهور دفعةً واحدة مسبقاً».
لذلك، اعتاد الطلاب على تحذير بعضهم الآخر من الوقوع في مصيدة أصحاب البيوت والمكاتب العقارية.
الأرق والقلق يجتمعان في قاعة الامتحان
«ما يحفظه الطالب في البيت، ينساه داخل قاعة الامتحان، بسبب الحر الشديد في الصيف والبرد القارس في الشتاء»، تقول “إيفا” طالبة جامعية بقسم الكيمياء من مدينة ديرك.
فنادراً ما يحظى الطلاب بقاعةٍ امتحانية تحتوي على مراوح أو أجهزة تكييف، هذا في حال توفّر التيار الكهربائي أصلاً، لذلك تعتقد “إيفا” أنه «من حق الطالب الحصول على توقيتٍ إضافي عن مدة الامتحان، فمشقة الوصول والتنقلات من البيت إلى الجامعة، مع أزمة المواصلات، كلها تتسبب بفقدان الطالب تركيزه وتوازنه»، تقول “إيفا” لـ (شار).
وتضيف: «كوبٌ من الماء البارد، ربما يكون رفاهية بالنسبة للطالب خلال امتحانات الفصل الدراسي الثاني خلال الصيف الحار، فلكلّ فصل معاناته ومشاكله؛ فالشتاء أشد سوءاً، فلا تدفئة مركزية ولا كهرباء منتظمة لتشغيل السخانات».
28 replies on “هموم السكن تلاحق طلبة جامعة دمشق ”
… [Trackback]
[…] Information on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Read More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Find More on on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Read More here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Information on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Find More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Find More Information here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Information to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Find More here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Read More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Here you can find 92403 more Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Read More here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Find More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Find More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] There you will find 20394 additional Information on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Read More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Read More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Read More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Here you can find 52342 additional Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] There you can find 10672 more Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Find More on on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Information to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Here you will find 65175 more Information to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
… [Trackback]
[…] Find More here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/09/هموم-السكن-تلاحق-طلبة-جامعة-دمشق/ […]
Comments are closed.