رَكَن “سمير علي” من سكان مدينة الحسكة، دراجته النارية بجانب أحد الأفران في حي الصالحية، وبعد دقائق معدودة سُرِقت، هذه الحادثة لم تكن الأولى التي تحصل في وضح النهار؛ بل أن حالات مماثلة صارت رائجة منذ فترةٍ ليست بالقريبة، كما هو الحال في خطف الموبايلات من أيدي المارة.
إلى جانب حالات السرقة، شهدت المنطقة جرائم قتل على الطرق الرئيسة خارج المدن أو ضمنها، فجريمة قتل “فاطمة شيخموس” على طريق الحسكة- قامشلو، دليلٌ على حالة الفوضى التي تعمّ المنطقة، بعد أن سبقت تلك الحالة جرائم أخرى في الحسكة بداعي الشرف وأخرى بدافع السرقة، كتلك التي راحت ضحيتها عائلة كاملة نازحة من كوباني.
أدلةٌ مفقودة
خلال شهر يونيو حزيران الماضي، شهدت المنطقة 62 حالة سرقة، تركّز العدد الأكبر منها في الحسكة، بعضٌ من تلك الحوادث المتكررة تُسجَّل ضد مجهول، لعدم توفّر الأدلة، كما حدث مع “علي” الذي أكد لـ (شار) أنه لم يستطع العثور على دراجته «رغم إبلاغ قوى الأمن الداخلي عن الحادثة»، والبعض الآخر، تُكشَف ملابساتها ويُقدَّم الجناة للعدالة.
إذ تمكّنت قوى الأمن الداخلي في شهر أغسطس آب الماضي، من تحديد هوية المشتبه بهم في حادثة قتل السيدة “فاطمة شيخموس”، كما ألقت القبض على مرتكبي جريمة قتل “رمضان رجب المفضي”، كذلك نجحت في إحباط عدة محاولات سرقة ليلية، بفضل زيادة عدد دورياتها السيّارة في المدن والبلدات.
ووفق ما صرح به المكتب الإعلامي لقوى الأمن الداخلي لمجلة (شار)، فإن غالبية اللصوص «باتوا في قبضة العدالة، إلا أن نسبة 7% فقط من مرتكبي السرقات، لا تزال قيد التّحرّي».
الدوافع والأسباب
تباينت آراء الشارع حول أسباب تزايد حالات السرقة والقتل التي تجاوزت الحد الطبيعي، وفق ما أكّده رئيس النيابة العامة في محكمة الشعب بقامشلو المحامي “جوان مصطفى”.
«حالة الحرب السورية المستمرة منذ عشر سنوات والانتشار الكثيف للأسلحة النارية غير المرخصة بين الناس، أحد أهم أسباب تزايد الجرائم»، يقول رئيس نيابة قامشلو لـ (شار) والذي لم يستبعد السبب الاقتصادي العام الذي يمر به الشعب السوري عامة.
مؤكّداً أن هناك «توجيهات صدرت لقوى الأمن الداخلي لتنفيذ حملة أمنية تستهدف جمع الأسلحة غير المرخصة وبعض المجرمين، إضافة إلى تركيب كاميرات مراقبة في الأسواق وكافة المرافق الحساسة المعرّضة للسرقة أو التخريب».
في حين يرى الإعلامي “ريدور عيسى” أن «الجرائم حالة عامة في كل دول العالم، وفي سوريا التي تعاني حالة حرب، الأمر طبيعي، إلا أن تزايدها يُشير إلى وجود أسباب متنوعة تدفع بعض الناس لارتكابها».
“عيسى” لفت إلى أن الفقر «أحد أهم الأسباب التي تزيد من معدل الجريمة، لاسيما السرقة»، مُشيراً في حديثه لـ (شار) إلى «وجود حالات سرقة وتشليح تحدث في بعض الطرق، وتحديداً الطريق الواصل بين تل براك والحسكة، علماً أنها كانت منتشرة قبل اندلاع الأزمة السورية ولا تزال».
في حين تُشير الطالبة الجامعية “شرفين نعسان” التي تدرس في كلية الحقوق بالحسكة، في حديثٍ لـ (شار)، إلى أن حالة الفوضى وفقدان الأمان تدفعها للتخلي عن السكن بمفردها، وتفضّل التنقّل بين الرقة حيث منزل ذويها والحسكة حيث دراستها، على البقاء وحيدة أو برفقة أصدقائها.
وتفادياً لزيادة حوادث السرقة والقتل، اتَّخذت قوى الأمن الداخلي بعض التدابير، مثل منع تغطية زجاج السيارات ووسائط النقل كافة، الخاصة والعامة وحتى التابعة لقوى الأمن والإدارة الذاتية، بالستائر أو (الفيما)، إضافةً لزيادة حواجزها الثابتة والمتنقّلة على الطرق الرئيسة والفرعية، داخل المدن وخارجها.
مَنْ المُحرّض؟
يتّفق المكتب الإعلامي لقوى الأمن الداخلي مع آراء الشارع والمختصين حول أسباب زيادة حالات السرقة والتي عزها إلى الوضع الاقتصادي العام، إلا أنه أضاف سبباً آخر متعلّق بـ «وجود المربعات الأمنية التابعة للنظام السوري في مدينة الحسكة وقامشلو».
وقال لـ (شار): «من خلال متابعة مكتب الجريمة المنظمة للعديد من الحوادث، فإن الغالبية العظمى من المتورطين في جرائم السرقة والتشليح وتوزيع المواد المخدرة والترويج لها؛ يتّخذون من مناطق نفوذ النظام السوري ملاذاً آمناً لهم»، في إشارةٍ إلى أن حالة الفوضى والسيطرة غير التامة لقوى الأمن الداخلي على ريف القامشلي ومدينة الحسكة «تقلّل من قدرة ضبط الأمن».
إلا أن حالات السرقة تلك، لم تستثنِ المرافق العامة والمراكز الحيوية، مثل المدارس وأبراج ومحطات الكهرباء وأكبال الكهرباء الممدّدة على العواميد في مناطق الإدارة الذاتية، وفي هذه الجزئية تتهم قوى الأمن الداخلي أيدي خارجية بالوقوف خلفها، وعلى رأسها النظام السوري.
إذ أوضح المكتب الإعلامي لقوى الأمن أن ذلك تبين «من خلال اعترافات العديد من الموقوفين وربط ذلك بالاستنتاجات في مكاتب التحقيق التابعة لمكافحة الجريمة المنظمة».
وأكّد أن النظام «يُحرّض مواليه على القيام بتلك السرقات وعمليات التخريب، بهدف إضعاف تلك المرافق عن أداء دورها الحيوي والوظيفي في المجتمع، ما سيخلق حالة من الاحتقان لدى الشعب حيال مؤسسات الإدارة الذاتية ومسؤوليها عموماً ومن ثم تحريضهم عبر خلاياه النائمة».
الأمر ذاته يؤكّده “مصطفى”، حيث يعتبر أن «بعض المطلوبين لدى النيابة العامة يلجؤون لمناطق سيطرة النظام السوري أو يتطوعون ضمن قواته، وبالتالي لا يمكننا اعتقالهم أو تقديمهم لمحاكم الشعب، لذا تتكرر حالات السرقة في هذا المنحى، وربما يُقدِم المجرمون ذاتهم على ارتكاب جرائم مرة أخرى في المناطق المتاخمة للمربعات الأمنية، لاسيما في مدينة الحسكة».

هل من تدابير؟
بين الأسباب الاقتصادية والدوافع الإجرامية، يبقى الناس في حالة ترقّب وخوف، إذ يقول “فؤاد علي” الذي يملك محل صاغة في السوق المركزي بالقامشلي: «بتنا نخاف على أنفسنا نتيجة زيادة حالات السرقة»، مُشيداً خلال حديثه لـ (شار)، بجهود قوى الأمن الداخلي بحماية الأسواق من السرقات، لكنه تأسّف من أن «الأمان العام في المدينة بات مقلقاً».
من جانبها، اتخذت قوى الأمن الداخلي جملة من التدابير لتقليل حجم الجرائم والحد منها، وذلك بزيادة عدد الدوريات ليلاً ونهاراً وإجراء تحرّيات واسعة ومتابعة حثيثة ومستمرة في كشف خيوط وملابسات الجرائم المؤثرة على الرأي العام، إضافة لتدابير خاصة أخرى تتصف بالسرية في سلك قوى الأمن الداخلي.
ويقترح الإعلامي “عيسى” زيادة عدد الدوريات المتنقّلة في الليل، بهدف ضبط الأمن مجدداً، يقول لـ (شار): «في هذه الظروف، لم يبقَ مكانٌ آمن يودع المواطنون أموالهم فيها، لذا بات التوجه لقطاع العقارات والسيارات كنوعٍ من ضمان النقد، لتفادي حالات السرقة التي ربما تحدث إن أظهر الشخص ثرائه».
من جانبه، ينوّه المكتب الإعلامي لقوى الأمن الداخلي إلى «وجود خلل في آلية محاسبة الخارجين عن القانون»، ويقول: «يتوجّب على المحاكم أن تكون أكثر حزماً في محاسبة المجرمين، لمنعهم من العودة إلى ارتكاب الجرائم».
ويضيف: «عند عودة المجرمين إلى تكرار جرائمهم، يغيب الأمن والاستقرار في المجتمع، وبالتالي لا يعود الفرد يأمن على نفسه وماله وعرضه وأملاكه، ما يساهم في توجيه بوصلة الشعب نحو التمسك بأمور وسبل خارجة عن منطق وأخلاق المجتمع واستغلاله من قبل جهات خارجية في ظل الفوضى التي تعاني منها سوريا عامة».
وتتفق المحامية “ندى ملكي” التي تعمل مستشارة قانونية لمنظمة (سارا لمناهضة العنف ضد المرأة) مع مقترح المكتب الإعلامي بمضاعفة العقوبات، ولاسيما في جرائم السرقة والقتل.
وتقول خلال حديثها لـ (شار): «يجب ألا يبقى الحكم مفتوحاً وعلى هوى القاضي، بل يجب مضاعفة العقوبة وتحديدها بسنة صريحة، مثلاً حكم السرقة 25 عاماً بدلاً من عدة سنوات يقررها القاضي وفق ظروف الجريمة»، وترجع “ملكي” سبب مطلبها هذا «ليكون العقاب الشديد رادعاً للآخرين».
26 replies on “القتل والسرقة.. جرائم تتزايد في مناطق الإدارة الذاتية والبحث جارٍ لردع الفاعلين”
… [Trackback]
[…] Find More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] There you can find 66909 more Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Read More Information here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Read More Information here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Read More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Read More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Find More Info here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Read More here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Find More here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Read More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Here you will find 98563 additional Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Read More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Find More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Here you can find 24508 additional Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Find More to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Info on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Read More on on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Read More on on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Find More on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Find More Information here to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] There you can find 38402 more Information to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] There you will find 59973 additional Info to that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
… [Trackback]
[…] Find More Information here on that Topic: shar-magazine.com/arabic/2021/10/تزايد-جرائم-القتل-والسرقة-في-منطقة-الج/ […]
Comments are closed.