يعد الشباب القوة الفاعلة والضاغطة في المجتمعات، لما لهم من دور رئيسي في بناء المجتمع على أسس سليمة وتغذيته بمفاهيم مدنية قادرة على مواكبة متطلبات كافة فئات المجتمع، سيما الشبابية منها. فالشباب هم فرص وموارد وطاقات إيجابية في المجتمع ولديهم قدرات وإمكانات كبيرة. لذا تكتسب المبادرات الشبابية في المجتمعات المحلية، خاصة في مناطق النزاع والحروب، أهمية زائدة، لأن هذه المبادرات تقوم على روح المبادرة في المشاركة الفعلية في قيادة المجتمع وبنائه، وتحفيز الشباب للقيام بدورهم المنوط به، وذلك من خلال إيجاد آلية لنقل مشاكل الشباب إلى السلطات المحلية والدفع بها إلى الاستماع إلى مطالبهم ومشاكلهم؛ يُنظر إلى الشباب كثروة حقيقية ومفتاح للتنمية المستدامة

تعرّض الشباب للتهميش منذ عقود، إذ تعاملت السلطات الحاكمة لسوريا مع هذه الفئة على أنهم مصدر للمشاكل والأعباء، كما تم استغلالهم من قبل السلطة وذلك من خلال طرح الكثير من المبادرات التي كانت تحمل صفة الشبابية لكن دون أن يكون للشباب أنفسهم أي دور فعلي في تلك المبادرات. لذا لابد من دعم الشباب ومبادراتهم بعيداً عن الشعارات، بل يجب تمكينهم من خلال المهارات والمعارف التي تلزمهم للنجاح في مبادراتهم، والتركيز على الخدمات ومشاكلها بغية دخول الشباب والشريحة الشبابيَّة في عمق المجتمع، وبهدف إشراكهم في وضع الحلول وتنفيذها.

بناء على ما ذكر، وفي ظل الظروف التي تعيشها سوريا عموماً، ومناطق شمال وشرق سوريا على وجه الخصوص، يتوجب على المنظمات الدولية المانحة دعم جهود المنظمات المدنية المحلية في تفعيل دور الشباب والمبادرات والمشاريع التي يقودها الشباب، فهذه المبادرات توفر فرصاً للشباب كي يعملوا معاً ويبجثوا عن الموارد والفرص المتاحة داخل مجتمعهم، ومن ثم صنع تغيير إيجابي في أنفسهم ومجتمعاتهم. دعم هذه الجهود يفتح المجال أمام القيام بمبادرات أخرى وفي كافة المدن والبلدات، وبالتالي سيكون لها تأثير واضح وفعلي على الشباب أنفسهم وكذلك على السلطات المحلية.

يعتبر مشروع شبكة الشباب المجتمعية في بلدة تل تمر، الذي دعمها منظمة شار للتنمية، من المبادرات الشبابية المهمة في البلدة، وهو بمثابة منصة تواصل بين الشباب والمجلس المحلي في البلدة. من خلال هذا المشروع تمكّن الشباب من كسر حاجز العزلة وعقدوا اجتماعات مع جهات مسؤولة في المجالس المحلية للإدارة الذاتية في البلدة، ونقلوا إليهم مشاكل الشباب وهمومهم، كما طرحوا لهم الحلول وكيفية التقليل من تلك المشاكل، بالإضافة إلى صنع قاعدة شعبيَّة شبابيَّة تساهم في تحديد المشاكل، ومن ثم تحديد الاحتياجات، لتأتي مراحل النقاش بين الشريحة الشبابيَّة وبين السلطات المحلية التي تقدّم الخدمات، ومن ثم البدء برسم الحلول الممكنة التي من شأنها أن تقضي على المشاكل في كل القطاعات الخدميَّة.

بلا شك أن منظمات المجتمع المدني لا تستطيع القيام بهذه المبادرات لوحدها، فمن الطبيعي أن تكون هناك شراكات وارتباطات بغية الوصول بالمبادرات إلى أهدافها، وهذا يعني دخول السلطات الصحيَّة والشريحة الشبابيَّة والمنظمات الدولية المموِّلة إلى التركيبة لتشكيل جسم اجتماعي مدني شبابي يدعم كل الحلول المقترحة للمشاكل، ويجترح الحلول بنفسه، كما أنَّ المبادرات إن توزّعت في كل مدن شمال وشرق سوريا، سيكون لها الأثر الفعال في نهاية المطاف على تشجيع الشريحة الشبابيَّة ضمن تلك المجتمعات للمساهمة في رفع مستوى الخدمات بشكلٍ عام.

39 replies on “المبادرات الشبابيَّة، تجارب للنهوض بالمجتمع”

Comments are closed.